" قبل ان يكون ابراهيم انا كائن " يوحنا 8 : 58
لم يأت المسيح الى الوجود عند ولادته من العذراء المطوبة مريم، بل كان منذ الأزل وما يزال موجودا. كان عند الآب بلاهوته وأتى الى العالم بالتجسد والولادة من إمرأة ليحقق الوعد عن نسل المرأة ليسحق رأس الحية.
ابراهيم ابو المؤمنين اتى للوجود في العام 1948 بعد خلق العالم، اي قبل ميلاد المسيح ب 1813 سنة بحسب الموسوعة اليهودية، وها هو المسيح يعلن امام اليهود امرين يستحق بسببهم عقوبه الموت... اولهما انه موجود قبل ابراهيم وثانيهما ان وجوده غير مرتبط بالزمن، اذ لم يقل "قبل ان يكون ابراهيم انا كنت " بل قال " قبل ان يكون ابراهيم انا كائن " واستخدم تعبير يوناني معروف في الترجمة السبعينية للعهد القديم ومتعلق بالرب " يهوه " ولا يصح في مناسبته ان يكون جزء من الحديث بل يصح فقط ان يكون اسما ولقبا للرب يعرفه اليهود وهو " انا كائن " وهو ذاته " انا هو ego eimi ἐγώ εἰμί وهو فعل الكينونه " اكون ". وقد استخدم يوحنا كاتب هذه الكلمات بالروح القدس هذا التعبير 24 مرة، من هذه ال 24 مرة استخدم التعبير بصورة مطلقة " انا هو " كتصريح للاشارة الى شخصية المسيح كمن هو معروف سابقا في الترجمة السبعينية بهذا اللقب (يوحنا 8 : 24 و 13 : 19 , 18 : 5-6 ). وهنا في يوحنا 8 : 58 قارن الكاتب في اللغه اليونانية بين وجود ابراهيم وبين وجود المسيح، فقد اتى بكلمة genesthai التي تعني " الدخول للوجود " لوصف وجود ابراهيم لتقابل الكلمة الاخرى eimi والتي تعني " كينونة بلا زمن ". ابراهيم صار موجودا بولادته وقبلها لم يكن... اما المسيح فدخل الى الزمن قادما من الازل وهو غير مرتبط بلاهوته بالزمن.
لا تحاول صديقي الالتفاف حول وضوح التصريح وقوته فالمناسبة واضحة. اليهود يقولون له: "ليس لك خمسون سنة بعد افرايت ابراهيم"؟ فاجابهم: "الحق الحق اقول لكم، انه قبل ان ياتى ابراهيم الى الوجود انا كائن". لم يقل " انا كنت " بل صرّح بكونه الشخص الازلي الوجود واستخدم التعبير اليهودي المعروف الذي اعطاه الرب " يهوه " لموسى قديما " اهيه الذي اهيه " خروج 3 : 14 وما صرح به الرب في اشعياء 52 : 6 " لذلك يعرف شعبي اسمي، لذلك في ذلك اليوم يعرفون اني انا هو ego eimi المتكلم . هئنذا "
عزيزي، قوه هذا الاعلا ن يفهمها اليهود جيدا فالمسيح استدعى ما في ذاكرتهم بشأن يهوه... ولهذا رفعوا حجاره فورا ليرجموه؛ فالرجم عقوبة التجديف في اي امر متعلق باسم " يهوه " وها هو المسيح بحسب ما تحققوا يجدّف لانه استعار لقب الرب العظيم " يهوه ". ربما قال احد انهم رفعوا حجاره ليرجموه لامر اخر ولكن الحقيقة الامر متعلق تماما بعبارة " ايجو ايمي " I AM فالتوراة اليهودية تحمل ذات المقارنات بين كون الرب " يهوه " خارج الزمن و بين اي شيء اخر خلقه يهوه... له بداءة ايام ومتعلق بالزمن "مزمر 90 : 2 ".
عزيزي... قول المسيح وتعليمه وكل ما صنعه وما نسبه الى ذاته يكون واحد من هذه الامور التالية:
1- ليس انسانا عاديا من لحم ودم، بل شخص خارق، والحقيقة ان الكتاب المقدس لا يقول هذا بل يقول ان المسيح من لحم ودم وموت الصلب لا يحقق هذا الادعاء.
2- ان يكون نبيا ذو مكانة لا يضاهيها احد من الانبياء ولا تستلزم نبي بعده... فهو لم يفعل فقط كل اعمال الله كالخلق والاقامة من الموت والدينونة في اليوم الاخير، بل قال ان الملائكة " ملائكته " والبشر المؤمنين " قمحه " والعالم " بيدره " والاشرار هم " التبن " الذي سيحرقه، ومذراه للتنقية " بيده " وان على من يصلي ان يصلي " باسمه ". وان كل صلوات الانسان "هو " يسمع، فهو "مع " المؤمنين به الى انقضاء الدهر وانه " سياتي " بنفسه وياخذهم " اليه " ..... من يكون هذا النبي الذي بادعاءاته هذه الا الله نفسه.
3- ان يكون المسيح كاذبا ومدعيا... ولكن الحقيقة انه مات لاجل هذا الادعاء، الامر الذي لا يستمر به اي كذاب بل وقد برهن هو ادعاءاته بالمعجزات وبرهنت السماء بشهود انه " الابن الحبيب الذي فيه المسرة " .
4- ان يكون المسيح هو الله وقد اتخذ جسدا وحل بيننا ليعلن عن محبته الى الان... لا يريد الانسان قبولها او تصديقها... تستطيع عزيزي القارئ ان تصدق ان الله يستطيع ان يأتي الى ارضه، فمقبول جدا للملك ان يتخفى ويأتي الى مدينته ورعاياه... مقبول جدا ويمكن ان تصدق...
فانت تصدق ان الله ينزل من السماء في كل يوم في ميعاد معين ليبحث هل من داع ليجيبه، فلماذا لا تصدق انه اتى في الزمن اليك واتخذ جسدا بشريا مثلك ولانه قدوس فهو بلا خطيه واتى لاجلك، ليخلصك بجملتك... انت تعاند وفي الحقيقه لا تصدق ان الله الجبار المنتقم يمكن ان يحب خليقته الى هذا القدر والتضحية...
الكتاب المقدس يقول " لانه هكذا احب الله العالم "... هو يحبك " هكذا " بصرف النظر عنك، فالامر يخصه في محبته التي ليس لها حدود. المسيح الابن هو الكلمة المتجسد، هو مولود في الزمن غير مخلوق، لا بداءه ايام له ولا نهايه حياة... تعرف عليه في وقت يحتفل العالم بميلاده فلا تفوت الفرصة.