رأينا في المقال السابق أن الاله تنازل حين خلق الانسان، فالخلق ذاته لا يضيف على الاله شيء، حاشا، فهو كامل في ذاته، هذا الاله لم يخلق دُمى ليلهو فيها، لكنه اله يُحب، ومن دافع محبته تنازل فخلق الانسان. وراينا ايضا انه لم يخلقك انت القارئ بطريقة القول فقط او بالعشوائية بل قصد فيك كل تفصيلاتك، عظامك ولحمك وشعرك وكل ما فيك هو بقصد الاله، هو يعرفك بكل تفاصيلك ويهتم بك ويدبّر حياتك. ان من يرعى شخص لمدة يوم هو متنازل في هذا اليوم للشخص الذي يرعاه، والاله بذاته وبجلاله يرعاك طوال حياتك فلا تشك للحظه انه معك، يتنازل كل لحظه من أجلك.
هذا الاله الرائع الذي اجده يناسب طبيعتي إختار ان ياتي الى خليقته وهذا ليس غريبا عليه، فقد زار آدم في الجنة من يوم خلقه الى يوم خروجه منها، وزار ابراهيم خليله وزار كثيرا من الرجال الذين استخدمهم لتحقيق مقاصده. فوجود الاله الواحد على الارض التي خلقها وبين البشر الذين هم من صنع يديه ليس امرا غريبا، وكما يقول اثناثيوس: انه لا يمتنع عن الملك ان زار احدى مدن رعيته. لقد زارنا الاله وزيارته هذه المرة لم تكن في ريح ولم يزرنا مع ملائكته لفتره قصيره ويذهب، ولم يزرنا كملاك الرب، بل زارنا في جسد مولود من عذراء في العام الرابع قبل الميلاد، اثناء حكم هيرودس الكبير، حيث ولد في بلدة بيت لحم وتربّى في الناصرة وخدم في الجليل، جال يصنع خيرا وقابل احتياجات البشر الذين احبهم فشفى مرضاهم وأقام موتاهم وغير مفهوم الاله عندهم، فليس الاله ساكن علاه غير مبالي بك لكنه يقف امامك منتهر الريح وتموّج المياه في عظمته وجبروته، مشى على المياه واعطى المقدره لبطرس ان يمشى على الماء ايضًا. وفي ذات الوقت نام وجاع وعطش ككل البشر على ان حياته كلها تظهر انه الوحيد الذي بلا خطية، لقد عاش القداسة في كل ايامه على الارض، له وحده يشهد جميع الانبياء ان كل من يؤمن به ينال بإسمه وبإسمه هو وحده غفران الخطايا.
عزيزي القارئ، اذا ما زالت غير متقبّل بالمنطق ان الاله تنازل من أجلك، انتظر المقالة القادمة حيث ساقدم فيها ما يؤكد لك ان الله أتى اليك في الجسد.