في هذه المقالة أكمل ما بدأته في الجزء الأول، حتى يعي القارئ ما يقوله الكتاب المقدس بعهديه، القديم والجديد، عن الله الواحد الذي لا يتغير مع تغيّر الزمن، ولكنه قد يغيّر معاملاته فقط مع البعض ممن يُغيّرون مواقفهم، دون التأثير على طبيعته التي لا تتغير.
1- الله الذي نعبده ليس بعنصري، فهو لم يعطي اوامر ليشوع بشان منطقة خاصة (ارض كنعان لشعوب كنعانية شريرة) من منطلق انه عنصري ويعلّي شعبه على هذه الشعوب، انما هو يريد تطهير الارض التي سيعيش عليها قوم هو اختارهم لا لأفضليتهم بل ليشهدوا له كأمّه موحّدة بين أمم وثنية، وفي الوقت ذاته هو لا يوقع قضاء على امّة بارّه بل شعوب شريره تمارس الشذوذ الجنسي والزنا الطقسي في المعابد وتحت كل شجرة خضراء. الله ليس عنصريا فقد اوصى من جهة الغريب وقال (لاويين 19: 33) «وَاذَا نَزَلَ عِنْدَكَ غَرِيبٌ فِي ارْضِكُمْ فَلا تَظْلِمُوهُ».
(لاويين 19: 34) كَالْوَطَنِيِّ مِنْكُمْ يَكُونُ لَكُمُ الْغَرِيبُ النَّازِلُ عِنْدَكُمْ وَتُحِبُّهُ كَنَفْسِكَ لانَّكُمْ كُنْتُمْ غُرَبَاءَ فِي ارْضِ مِصْرَ. انَا الرَّبُّ الَهُكُمْ.
2- الله يريد ان تعرفه كل الشعوب وفي سبيل هذا هو لا يترك نفسه بلا شاهد، فهو يحب خليقته وليس اسرائيل فقط في زمانها، اورد لنا الكتاب المقدس في العهد القديم سفرا كاملا يظهر محبه الله لشعب وثني وكيف ارسل اليه احد انبياءه لكي ينذرهم كي لا يقع بهم القضاء، القضاء محتم والتوبه توقفه، هذا السفر هو سفر يونان وفيه تتضح محبه الله للكل، لليهود وللوثنيين (يونان 4: 11) أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ رَبْوَةً مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لاَ يَعْرِفُونَ يَمِينَهُمْ مِنْ شِمَالِهِمْ وَبَهَائِمُ كَثِيرَةٌ!».
3- الله اله قدوس ولا يستثني في قداسته اي شيء، وهو اله رحيم وقدوس، يفعل كل افعاله بانسجام تام مع كل صفاته. ما يستوجب على الله فعله ان ظل لمده 400 عام يُظهر صبره وأنّاته وبالمقابل تبقى الشعوب تقابله بسلبيه وبعدم مبالاة، تُظهر عنادا ومعصية ورفضا واهانة له ولكل من يؤمن به؟ قاوم شعب عماليق الرب وشعبه واظهروا عنادهم بشدة واستغلوا ضعفه، شعوب كنعان الزانية المستبيحة رفضت يهوه والى هنا تستحق العقاب من يهوه طالما هو خالقها وصاحب السلطان على ارواحها، ولكنه لم يبيدها واعطاها الفرصه وطلب ارضه التي خلقها للشعب الذي اراده ان يشهد له وفي حكمته المطلقة كان الطبيب الذي يعلم ان هذه الشعوب كالسرطان الذى يستشري في كل الجسد، ولابد من استئصاله فقد كبر ونما وها هو يُرضع كل الشعوب من حوله بوثنية البعل الذة يعطة النمو والمطر وعشتاروث التي تعطي الخصب والجنس وتبارك شعبها بممارسة الزنا. هل يمكن للاله ان يزرع شعبه في وسط هولاء؟ ان كانوا ابرارًا ممكن ان يضعهم بينهم، وان كانوا اشرارًا يمكنه ان ينتظر الى حين اكتمال اثمهم وقد فعل هذا تماما، فحين اكتمل ذنبهم قضى عليهم كما قال قبلها باربعمائه سنه لابراهيم (تكوين 15: 16).
4- ما ذنب اطفال الكنعانيين؟ الم يكن من الممكن استبقائهم؟
الحقيقه لا ذنب لاطفال الكنعانيين ان يُقتلوا والاله الذي اوصى من جهة الغريب واليتيم والارملة عبر نصوص كثيرة في العهد القديم لا يريد أن يتيّم الاطفال وفي الوقت ذاته لا يريد قتلهم. الله لم يوصى من جهه الاطفال ولا الشيوخ ولا الكبار رجالا او نساء، الله اراد تطهير الارض من كل ما تلوثت به، لقد قال بالحرف " (لاويين 18: 24) «بِكُلِّ هَذِهِ لا تَتَنَجَّسُوا لانَّهُ بِكُلِّ هَذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ الشُّعُوبُ الَّذِينَ انَا طَارِدُهُمْ مِنْ امَامِكُمْ.
(لاويين 25: 18) فَتَنَجَّسَتِ الارْضُ. فَاجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا فَتَقْذِفُ الارْضُ سُكَّانَهَا.
فالامر ليس كما يصوره المنتقد قتل اطفال ونساء ولا تطهير عرقي بل هو " تحريم " والتحريم هو شيء معروف في الحروب وهو عدم استبقاء اي شيء من كل الاشياء التي تخص الشعب المهزوم، لان كل شيء للشعب المهزوم هو قدس خاص لالهه وشعوب كنعان كلها ببهائمها وغنائمها قدس للبعل وزوجته عشتاروث، لا يستبقى منها شيء فالامر لا يخص الاطفال بعينهم، للاستهداف اشارة الى القسوه بل هو تحريم للكل حتى الشجر لانه كان قدسا للبعل فتحته تمّ الزنا، وهذه الاطفال هي نتاج مباركة الآلهة وقدسا لها وايضا البهائم وكل الثمر. ارجو فهم معنى التحريم فمنه سيستقيم الامر كثيرا.
5- الله حذر الشعب من المحرّم وحين اخذ منه احد افراد شعبه عاقبه بذات المستوى هو وعائلته وحتى بهائمه لان الكل تنجس بالحرام الذى يخص البعل، الله لا يجزء مبادئه وفي قداسته لا يستثني احد، وحين خانه الشعب الذي اراده شاهدًا له عاقبه بالقدر ذاته وعلى القارىء ان يرى ما حل بهم فسفر مراثي ارميا يصف الاهوال التي لاقت الشعب، حتى اكلت الام طفلها من الجوع الشديد.
6- الله لم يأمر اي انسان او نبي بالقيام بغزوات وحروب لنشر الايمان ببه، الكتاب المقدس لا يذكر اي أمر كهذا. حين تنبأ الانبياء بانتشار الايمان بين الامم سموه " بالخلاص " فقال "فقد جعلتك نورا للامم لتكن خلاصي الى اقصى الارض "(اشعياء 49: 6) لم يوصي بجهاد وسيف وحرب بل قال " ما اجمل على الجبال قدمي المبشر المُخبر بالسلام المُبشّر بالخير المُخبر بالخلاص "(اشعياء 52: 7) خلاص وخير وسلام هذا هو ذات الاله الذي قال في العهد الجديد " ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ".
اذا يشوع كان أداة وقتية لتنفيذ الوعد بإعطاء نسل ابراهيم الارض، وحين جاء الوقت كان إثم الشعوب التي تسكن هذه الارض قد اكتمل فما كان اسهل على الاله ان يحرقها بكلمه فمه بعد 400 عام من الانذارات، ولكنه اراد ان يُري شعبه ان الاله الرحيم الذى اخرجهم من عبودية فرعون لا يسمح لهم بانتهاك مطالب القداسة ان استمروا في فعل الدنس وتنجيس اسمه الذي دعى عليهم، وقد فعل هذا معهم مثلما فعل مع شعوب ارض كنعان تماما فليس عند الله محاباة.