" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسدا وحل بيننا، وراينا مجده " «يوحنا 1: 1 و 1 : 14».
الله سبحانه وتعالى عالي كل العلو في مقامه عند البشر، لا شك في هذا، ولا أعلى فوقه، فهو وحده مليك السموات والارض، لا شريك له ليُشاركه علياءه ومقامه ومركزه فهو الخالق لكل شيء، على ان الكتاب المقدس من اولى صفحاته يُظهر ان هذا الاله العالي سبحانه "وتنازل " وهذا التنازل للاله منطقي فليس اعلاه شيء ليصعد اليه في المقام، وليس امام الاله ان اراد الخلق الا ان يتنازل، الاله حين خلقك عزيزى "تنازل " وهذا ببساطه لكونه لا يحتاج لخليقته، فهو مكتفي في ذاته سعيد في وحدانيته ولا يحتاج الى شيء فهو الكامل دون الحاجه الى مُكمّل، ولهذا اذا اراد الخلق فثق ان هذا منه " تنازل " فقل عزيزى له " سبحانك تنازلت " حين خلقتني، قال المُختبر عن هذا التنازل في الخلق " فمن هو الانسان حتى تذكره وابن ادم حتى تفتقده " «مزمور 8 : 4»؟
ان هذا التنازل غير محدود بخلقه للانسان فقط عندما قال له "كن فيكون " فرغم ان هذا صحيحا الا ان الكتاب يُظهر ان الله حين خلق الانسان كان مهتما بكل تفاصيل خلقته، قال ايوب " كسوتني جلدا ولحما فنسجتني بعظام وعصب " «ايوب 10 : 11». وقال داود " لم تختف عنك عظامي حينما صنعت في الخفاء ورقمت في اعماق الارض. رات عيناك اعضائي وفي سفرك كلها كتبت يوم تصورت اذ لم يكن واحد منها. " «مزمور 139 : 15-16» استمر تنازل الاله في اهتمامه بك ورعايتك، هو لم يوكّل امرك لملاك ولا لصدفه ولا لقدر ولا لتدبير كوني مُنظّم. هو يتنازل الى الان ويحفظ نفسك، هو يعطيك النسمة واللقمة، هو لا يحجب عنك اكسجين الحياة فهو " الذي بيده نفس كل حي وروح كل البشر " «ايوب 12 : 10» ولهذا هو المدبر لك.
قال ايوب " منحتني حياة ورحمة وحفظت عنايتك روحي" «ايوب 10 : 12» وقال بولس " اذ هو يعطي الجميع حياة ونفسا وكل شيء " واكمل قائلا " لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد " «اعمال الرسل 17: 25 و 28» وقال هو بفمه حين كان بالجسد على الارض " فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة " «متى 10 : 30»..
عزيزي، "تنازل " الاله استمر ليس فقط بخلقك وليس فقط برعايتك وبامداداته الرعوّيه، فقد كشف لنا انه "تنازل " واقترب اليك وإليّ في جسد... وهذا ما سنتابعه في المقال القادم بمشيئه الرب.