كان يوما ربيعيا معتدل ألحرارة لم يكن صيفيا ولا شتويا , ذلك أليوم الذي جائني به شلة من جنود ألرومان بصحبة قائد مئة وأنا أقف أمام كور النار احمي به ألحديد , وبيدي ألمطرقة تطوع ألحديد كيفما أشاء ,جائوا في طلب تسعة مسامير كبيرة لاستعمالها في عملية ألصلب ,لم اسعد لهذا ألطلب رغم وفرة ألمال ألذي دفعوه مقابل ذلك ,فأنا أعلم أن هذه ألمسامير ستدق في أطراف أطرابي من أليهود ,ولكن لا مناص من أن اجهز لهم طلبهم على ألفور , نحيت ما كان بيدي جانبا ,وابتدأت العمل كان جسدي ينتفض وانا أنتشل قطعة ألحديد ألمحمرة من ألنار وأضعها على ألسندان وما أن أنهال عليها بألمطرقة حتى يتخيل لي انني اسمع صراخا يصم أذناي ويمزق فؤادي , وما أن أنهيت مهمتي قررت انهاء ألعمل وألذهاب خلف ألجنود لأتابع عملية ألصلب عن كثب وأشاهد هذا ألحدث ألمؤلم رغم صعوبته .
وقفت هناك على تلة يقال لها جلجثة تقع خارج أسوار ألمدينة , وكان جمعا صاخبا يملأ المكان , ورأيتهم ثلاثة شبان كل منهم يحمل خشبة على كتفه , مسوقين من جنود الرومان وهم يلهبون ظهورهم بألسياط التي تمزق أجسادهم .
لم يطل ألوقت حتى كان ألثلاثة مسمرين على صلبانهم ألخشبية .
تأملت هذا ألمشهد بحرقة وألم كاد أن يفقدني صوابي لهوله .
لقد علمت من الجمع ألواقف ان اثنان من ألمصلوبين هم لصوص ينفذ فيهم اليوم هذا الحكم , واما ذلك ألمعلق في ألوسط أنا أعرفه , انه هو ذلك ألشخص ألذي طرد ألباعة وألصيارفة من ألهيكل وطهره . نعم أنه هو ألذي استقبلته ألمدينة منذ عدة أيام بسعف النخل وطرحت له ثيابها ليسير عليها , أليس هو من وقف أمام ألقبر في بيت عنيا ونادى ألميت فخرج حيا , كيف يموت أليوم وبهذه ألطريقة ألبشعة .
تجولت بين ألواقفين أسترق ألسمع لبعض أقوالهم الى أن ساقتني قدماي الى عدد من ألنساء كن واقفات بصحبة شاب عرفته فيما بعد انه يوحنا , وقفت الى جوارهم وما ان انتهى كل شيء رجعت معهم واصبحت تلميذا لمن أحبني ومات من أجلي , ومن ذلك أليوم توقفت عن صناعة ألمسامير أصبحت أصنع ألصلبان تخليدا لذلك أليوم ألعظيم .